مطار القاهرة
"محمود" وهو يحمل حقيبته المكتظّة بالملابس والنثريات وعدد 2 دكر بط و3 فرخة بلدي جاهزين للأكل مباشرة، وقد قارب على الدخول إلى منطقة التفتيش التي بعدها لن يستطيع أهله أن يرافقوه، يربت على كتفه خاله "حسانين" في قوة وهو يعطيه التعليمات:
- "خليك في حالك.. من الشغل للبيت ومن البيت للشغل.. إنت رايح دولة عربية آه.. بس برضه الأمر ما يسلمش.. كل واحد يا ابني وله طبعه".
يومئ "محمود" برأسه مؤكداً وهو يسمع هذه النصائح للمرة العاشرة بعد المائة قبل أن يقول:
- "خلاص يا خال.. فهمت وحفظت.. هناك أنا لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم.. حمار شغل وبس!".
- "أيوه.. اسم الله على مقامك.. حمار!.. بس عشان تفضل حمار شغل، وتعرف تحوّش لك كام قرش تتجوز بيهم بنت خالك "منى" الأهم والمهم هو أنك مالكش دعوة بالمصريين اللي هناك خالص.. نهائياً.. المصريين في الغربة بياكلوا بعض.. وكل واحد مفكَّر إن زميله اللي جاي من بلده هياخد رزقه ونصيبه.. يبقى لو شفت مصري من هنا تقول له إيه...؟!"
- "أقول له أنا من أثيوبيا.. صح كده!"
- "عفارم عليك.. يلا في أمان الله.. وابقى اديني رنة أول ما توصل!"
***
مطار دولة عربية شقيقة "أيوه كلنا اخوات"
"محمود" وهو يحمل حقيبته المليئة بالملابس والنثريات وعدد 2 بقايا دكر بط و3 فرخة بلدي تم أكلها، وقد قارب على الدخول إلى منطقة التفتيش التي بعدها لن يستطيع أن يعود من حيث أتى، يخرج تليفونه المحمول ثم يتصل بـ"خاله حسانين" الذي يرد عليه أخيراً بعد 33 رنة:
- "أيوه ياخال.. أنا راجع خلاص "!
يخترق صوت خاله طبلة أذنه وهو يهتف على بعد مئات الكيلو مترات:
- "إزاي يا ابن أخويا؟.. إيه اللي حصل؟.. مش قلت لك خليك حمار!"
- حصل والله يا خال.. كنت حمار لدرجة أني بقيت بآكل برسيم بدل ما آكل فول.. بس منهم لله بقى ولاد الحلال.. إدوني إسفين عند الكفيل رحلني علطول"..
- "هم مين دول؟!"
- المصريين طبعاً.. واحد منهم ومن بلد جنبنا كمان.. شافني حمار شغل.. ففكر إني ممكن اطلع عليه في الشغل.. فظبّط هو وأصحابه مقلب في الصميم.. واديني أهوه.. راجع قفايا يقمّر عيش.. ألاّ أخبار العيش في مصر إيه يا خال؟!"
***
زي ما إنت شايف..
كونه "حمار شغل" وماشي جوه الحيط في الخليج لم يشفع له كل هذا أن يعود إلى مصر من غير ما قفاه "يقمر العيش"!
وحتى لو ماكنتش سافرت إنت أو حد من قرايبك للعمل في إحدى الدول العربية فالأكيد أنك سمعت تلك المقولة الخالدة التي تتحدث بكل يقين الناتجة عن خبرة عملية وتقول بأن: "عدوك في الغربة هو ابن بلدك"!!
طبعاً فيه استثناءات وفيه مصريين بيحافظوا على بعض جدّاً في الغربة..
لكن الشائع والمنتشر
هو أن المصريين مش كويسين مع بعض خالص وتحديداً في الدول العربية..
والقاعدة العلمية الفيزيائية الكيمائية بتقول أن "مافيش دخان من غير نار"..
ومش ممكن تكون فكرة إن المصريين مش حلوين مع بعض في الغربة جت من العدم كده..
لازم تكون فيه شواهد وخبرات وأحداث وقعت أكدت المعنى ده وخلته أشبه بالقاعدة..
تفتكر ده سببه إيه؟
وهل لك تجربة في الخارج -أو سمعت عن تجربة- تؤكد المقولة دي: "المصريين بياكلوا بعض في الغربة" أو تثبت إنها غلط؟
وهل فعلاً فكرة إن اللي جاي من مصر ممكن ياخد فرص الشغل من المصري التاني الموجود في الدولة العربية من قبله مبرر كافي جدّاً لأن المصريين يعملوا في بعض كده في الغربة؟
وتفتكر.. هل ده له جذور هنا.. بمعنى أن هل المصريين بقوا بيعملوا في بعضهم وهم في بلدهم زي ما بيعملوا مع بعضهم وهم في الغربة.. ولا لسه إحنا الحمد لله في الأمان؟
والعلاج إيه من وجهة نظرك
بحيث نقضي على مشكلة
إن المصري لما يقابل مصري في الغربة
يطلع له جواز سفر من.. إثيوبيا؟!